هنا مدخل إلى ينبوع الروح.. لا يمرر غير من تقبل الاختلاف

السبت، 25 أبريل 2015

بنات الأحمال الثقيلة


إن رأيت يومًا فتاة تحمل عبئًا ثقيلاً وتسير في شوارع القاهرة.. إن لمحت امرأة ستّفت أولادها وزوجًا ورفعتهم على قفص أو ما شابه فوق رأسها.. فاعلم أن في قلبها مُرًّا رتّبته فوق صدرها يسد مسار أنفاسها.. وتعيش.

اعلم أن هناك خذلان ما  في حياتها.. ربما حبيب غطس في زحام الأيام لا فرق إن كان عن قصد أو بغير. ربما أخ نسي أو أب شاخ أو ابن لن يكبُر.. ربما زوج لم يحل بحياتها بعد.. أو قد حل جسدًا لكن روحه مؤجلة الحضور إلى أجل لا يدركه أحد. أو ربم وطن انزاحت أرضه من تحت رجليها على غفلة من ليل ما.



إن رأيت امرأة في الطريق تبدّل وجع الأحمال الثقيلة بين يد وأخرى، أو تضغط أفكارها في رأسها وتكمرها بالحقائب الثقيلة.. إن رأيت امرأة تتخفى لتصل إلى عربة المترو بأكياس ثقيلة فأفسح لها الطريق.

إن رأيت امرأة كوّرت شبقها ونسيته في أحد أركان حقيبتها وتحمل طفلاً وكراساته وطعامه وتجري لتلحق بالحافلة حتى ولو يلحق طفلها فقط ليصل هو، فأفسح لها الطريق.

إن رأيت فتاة تحمل حاجيات مطبخ وكتبًا وأوراق العمل وحلمًا كرمشته الليالي فبدا قديمًا غير صالح للفرح، فأفسح لها الطريق.

إن لم تقدر على رفع عبء عنها فاهدها براحًا يوصلها إلى وجهتها، أو أبطئ بسيارتك حتى ترسو هي على البر الآخر، وإجلالاً لهول لحظة خذلان.

إن لم تصل إلى رجل رحل عنها دون موعد لتنهره، فكن رجلاً حتى ولو لفتاة أخرى تخشى أن تحمل أكياسها الثقيلة وحدها وتسير في شوارع المحروسة دون رجل يحمل عنها الأعباء أو يفسح لها براحًا آمنًا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق