هنا مدخل إلى ينبوع الروح.. لا يمرر غير من تقبل الاختلاف

الجمعة، 2 نوفمبر 2012

رسائل العشوائية المُحْكَمة




بعد سهرة طويلة مع اللا شيء ونوم متخطف ينازع أضغاثًا تأتي دون سبب.. أبدأ صباحًا آخر في البيت الجديد الذي لا يشبه إلا نفسه وراتب أبي، قبل أي شيء أتفحص رسائل الفيس بوك..
·       رسالة من صديقة العمر تذكرني أنها لم تزل مريضة ويفترض بي وجودي معها الآن.. تحكي عن الحضن الذي لا يشبه الأحلام الذي ارتمت فيه حتى لا تموت وحيدة.
·       رسالة من البنت التي تشبهني في كل شيء (صديقة الأثير) تصف لي إحساسي أنا بالأغنية التي سمعتْها هي في الفجر. بهذا التشابه يحق لنا أن نكون أكثر من صديقتي أثير، لكن لا شيء يسير في مداره.
أغسل وجهي على حوض المطبخ وأنا أعد قهوتي الصباحية، أغير ملابسي في الصالون حتى لا أوقظ النائمين، أنتعل حذاء من الموجودين تحت المكتبة وأخرج.. أمشي حتى ميدان رمسيس. حيث كان صامدًا التمثال أقف في انتظار الحافلة.
في الشارع.. الجميلات اللاتي يشبهن راقصات الباليه يهرولن خلف الميكروباص بالكعوب العالية، ملقيات لأنوثتهن على الأرصفة أمام أعين لا ترى إلا نفسها، وإعلان للحى مهترئة تبيع مفاتيح الجنة على الشاشات.
أستقل الحافلة من منتصف الطريق وأجلس كعادة كل يوم على الكرسي الثالث؛ الكرسي الأول والثاني المخصصان لكبار السن عليهما نفس الشابين، وفي آخر الحافلة نفس العاشقين لكن اليوم كلاً منهما على كرسي كغريبين، لم يعد يجمعهما كرسي واحد.. أنصافنا الأخرى دائمًا في غير أماكنها.
تباغتني رسائلك بعد طول غياب، يومين أو أكثر.. لما رأيت اسمك في قائمة الرسائل لم أتذكر سوى أنك عندما جرى ماء وجودك بسيل حبي فاض في رحم أخرى لا تعرفك، لا أتذكر الآن سوى أن طفلي ينمو في رحم أخرى.
في الطريق النيل ملقى على حافة أسفلت لا يعرف بوجودنا فوقه، لا شيء ها هنا في مكانه؛ الكون يتقن الفوضى ويعيد حبكة العشوائية.. لم يعد للمدارات وجود؛ القمر أتى من حيث يفترض به أن يكون ليجتمع بالشمس في زاوية واحدة من السماء، تاركًا هناك أزواجًا من العشاق ينتظرون شهادته على قصص جديدة.
أحاول الوصول إلى العمل على مهل، لكن أجدني مسرعة لأصل في موعدي، فلا أجد أحدًا في المكتب؛ الجميع يجيدون التأخير. ورسالة من مديرة العمل بكلمة السر الجديدة للموقع.
مديرتي ليست الأكفأ، ولا الأقدم، لكنها صديقة قديمة لصاحب العمل.
يوم العمل ينتهي دون أن يعلق منه شيء في الذاكرة، سوى زميلة المكتب التي درست الإخراج المسرحي ولم تجد مكانًا لممارسته، غير اختلاق بعض الطرائف في فترة الراحة وهي تعد لنا الشاي.
ألقي نظرة جديدة على صندوق الرسائل..
·       رسالة من محتال يعيش في القصر الرئاسي، يهنئ فيها شعبًا لا يعرفه، بعيد نصر لم يكن خُط له شارب حين تحقق.
الشوارب أضحت تنبت على وجوه المسوخ.
·       رسالة من موقع إخباري تحوي صورًا لإعصار يضرب الوجه الآخر من الأرض، أسماك القرش في محطات المترو، والبواخر العملاقة ترسو فوق ناطحات السحاب.
قبل أن أنصرف أكتب ورقة بالمهام التي عليّ إنجازها:
-         بعض أدوات منزلية من سوق الكتب بالفجالة.
-         أنتيكات للبيت الجديد من سوق الليمون.
-         حقيبة من الجلد الطبيعي من رصيف العتبة.
أضيف إلى القائمة زجاجة عطر من السوبر ماركت وشريط إسبرين من أي كشك في الطريق.
أعيد ترتيب قائمة المشاوير وأنزل، أركب الميكروباص وأطلب من السائق السير في عكس الاتجاه للخروج من زحام الطريق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق