أنت لا تعرف شيئًا..
لا أحد يعذرني.. لا أحد حمل عبء الخوف معي.. حتى أنت، الجميع يطمئنني بأني الأقوى،
دائمًا تردد لي أنك معي كرقية شرعية تحفظ روحي من الأشباح.
لكنك لا تصدق،
تكرر دومًا أن كفاكِ واطمئني ثم تكتب في مذكراتك أني مجنونة، أنت مثلهم لا تصدقني،
لا أحد يصدق المجانين، لست مجنونة، انصت معي وستسمعها.
تنصت ولكنك تسمع
صدى صوتك القديم، أنت مثل الجميع لا تصدق المجانين، لكني لست مجنونة، فقط صخب
دنياك يحجب صوتها عنك.
ذات مرة فزعتَ
لأنك رأيتني شاحبة ويدور بصري في أركان الحجرة، كنت أسمعها، أسمعها بوضوح، كانت
تصب لعناتها في أذني، همستْ في أذني أن سوف يكون جحيمي على يديها، مرّرتْ أمام عيني
صنوف الموت التي سأحيا بأحدها أبدًا، كانت تتلبس كل شيء في المكان، المرآة،
السرير، المروحة، زجاجات المياه.. وقبلتك.
لما أتيت تعانقني
صرخت: ها هو خيالها مر أمامي على الحائط.. لا تحاول تهدئتي، لست مجنونة، كانت هنا،
لم أرها بوضوح، ولكن عينين كانتا هنا تنضحان تشفيًّا وفم يخرج لسانه، لا يمكنك تكذيبي، أنا ملعونة بالحدس أصلا.
قُبلتك حينها لم
تروِ رجفتي ولم تسمن من شوق، طعم شفتيك كان مريرا لقد صبت شربتها الملعونة عليهما.
ثمة خوف يحول بين عناقنا، كنت أود أن تذوب أثقال روحي بين يديك، لكنك كنت بعيدًا، كنت فاتحًا ذراعيك وبيننا فقط قدر مَد ذراع وفركة شوق، لا أعرف لماذا رأيتك بعيدًا وتطول المسافة بيننا، كنت تبعد حتى صغرت لكني ارتميت في حضنك، تحديت خوفي وارتميت في حضنك، لأنك رددت مرارًا بأن أقترب، قلت بأنك لم تكن أقرب من هكذا من قبل؛ ارتميت ربما يلقفني حضنك، سقطت مرة، وأخرى، كررت الأمر كثيرًا، كنت أصدم بسور لا أراه، كانت كالمارد بيننا.
رددتَ كلمات أذكر
منها أنك اشتقت إليّ وأشياء أخرى، هي في أذني الأخرى ترمي بذور وجع لا يذوب، أصرخ:
هي موجودة الآن.
أدور حول نفسي: هي
موجودة؛ دعنا نرحل من هنا.. هي تلقي تعويذتها الآن.. دعنا نرحل.. ستقتلنا.
تهدئني: حبيبتي لا
أحد هنا.
- أقسم أني رأيت
خيالاً مر الآن على الحائط واقترب حتى مر تحت قدميك.
تدور بي في كل أركان البيت: انظري، أنتِ هنا وحدك. لا أحد غيرك في البيت.
ترددها كثيرا: أنتِ
هنا وحدك، لا أحد سواك.
تكرر ربما أهدأ وأطمئن.
لم أصارحك وقتها بأن كلماتك تضخم مخاوفي؛ لا أحب أن أكون وحدي، أنا هنا وحدي..
بدونك.. أنا وحدي أمامها.
أتقن دور الأقوى وأحاول سحب نفس طويل، لقد غيرت رائحة الجو في أنفي، الجو معبأ بدخان سجائرك التي لم تشعلها.. وأشعلتني.
تكثر هداياك لعلك تربت على قلبي، ولكن فوق كل شيء تأتيني به أرى عينين تتوعداني.
أطمئن نفسي بأني
لما ألقاها المرة القادمة سنصير صديقتين، سأحتضنها وأخبرها بأني لا أكرهها وأقرّ
لها بأنها الأقوى وأتقبل الهزيمة، سأرضيها بأي شيء لتدعنا نكمل طريقنا بلا خوف،
يمكنني مصادقة الأشباح.
في الشارع كل امرأة
لا يبدو منها سوى عينين يشبهانها أظنها هي؛ أقدم لها اعتذارًا غير مبرر وأحاول حمل
حقيبتها عنها في الطريق؛ ربما كانت هي فتسامحني.
تكثر رسائلك بأني
صاحبة كل شيء، كل من حولنا يسخرون من الفوبيا التي أصابتني ويحاولون طمأنتي بألا
وجود لأشباح بيني وبينك.
في المرة الأخيرة.. تناولت المهدئ وتجاهلت مرار شفتيك، تجاهلت بُعد عناقك، تجاهلت روحها التي تلبست كل شيء، وظلها
المتأرجح في بقعة النور بيننا، لا أحب في كل مرة أن أكون مجنونة.. ولما انتزعت منك حضنا وحيدا خرجت وتركتك مع هاتفك،
كنت تحدد لها ميعادا وتثني على جمال عينيها المؤطرتين.